تعلم كيف تمارس الشكر والامتنان وترك التشكي (تطبيق عملي)

الفكرة /
السعادة أعظم مطلب يبحث عنه الكثيرون ولم يجدوه، وقد بذلوا كل غالي ورخيص من أجلها لكنهم لم يجدوها، والسبب بسيط جدا أنهم يبحثون عنها في المحيط الخارجي من متاع الدنيا وزينتها، فزادهم ذلك ضياعا، والحقيقة أن السعادة والشقاوة تنبع من داخلنا وليس من خارجنا، وهذا ما قرره الله في كتابه الكريم بقوله وهو أصدق القائلين:” إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم”.
نقدم لكم تحت هذا العنوان خطوات عملية تنقلك من مجرد الفكرة النظرية الى التطبيق العملي تساعدك على أن تتمرن كيف تنتج السعادة من أعماق ذاتك ومن داخل ضميرك وليس من خارج نفسك. ومذيلة بتجارب بعض من مارس التمرين واستشعر أهمية الشكر القصوى في الحياة، وأثر ذلك على السعادة.
الخطوة (1) استشعار معنى الشكر والامتنان:
عبادة الشكر والامتنان تعني أن تتعبد الله باستشعار نعمه العظيمة التي وهبك إياها.. وأن تعلم حقا أن كل نعمة ليس لها ثمن في الدنيا (اطلاقا)، وللممارسة ذلك عمليا اتبع الخطوات التالية/
1/ عليك أولا ان تستشعر هذه النعم وتحس بوجودها وتتذكرها في كل لحظة وحين.
2/ اسأل نفسك وانت تستشعر تلك النعم، ماذا لو فقدت هذه النعمة كيف سيكون حالي، وكم الثمن الذي أدفعه لتعود النعمة الي، واسأل نفسك كم من كنوز الدنيا أطلب مقابل نعمة واحدة من هذه النعم ، فضلا عنها جميعا.
3/ اذا استشعرت هذا، ستخرج بنتيجة أنك في نعيم عظيم رغم قسوة الحياة من حولك، وستجد في أعماق نفسك كم مقدار ما أنعم الله عليك .
4/ استشعر أن الدنيا دار ابتلاء ، ومع ذلك لازلت بستر الله تعالى ، وان الذي ينتظرك في الآخرة من العوض والنعيم أكبر مما تتخيل وتتوقع انت وكل البشر ، ولكن.. لن تنال هذا الا بالشكر للنعم الموجودة، والصبر عن النعم المفقودة.
الخطوة (2) قدم الشكر والامتنان للمنعم العظيم
اذا استشعرت كل هذه المعاني (نهنئك فقد بدأت تستوعب معنى النعمة ومعنى الشكر) ، وهذا اول باب للسعادة… استشعر ذلك بقلبك وانظر كمية الراحة التي نزلت عليك لمجرد الشعور فقط. ولتقديم الشكر والامتنان عليك باتباع التالي/
1/ اعلم ان من وظائف الشيطان المستمرة الشيطان ان ينسيك نعم الله عليك، ويشغلك بما في أيدي الناس، ويشغلك بلوم الآخرين وأنهم قصروا في حقوقك ، مع أنك تعلم أن الله تعالى قدر لك كل أكلة تأكلها وكل شربة تشربها ، ولن يستطيع أحد أن يزيد او ينقص من نعمة الله التي وهبك إياها ولا قطرة ماء. فيجعلك الشيطان تنشغل بالركض وراء السعادة بالخارج وتنس نفسك، وايمانك بربك التي هي مصدر سعادتك الحقيقة.
2/ حتى تخزي الشيطان، دائما وباستمرار وفي كل لحظة، قم بالنظر في كل ما حواليك ستجد في كل لحظة عين نعمة ليس لها ثمن، وستجد في كل كلمة تسمعها نعمة عظمى، وستجد في الأموال على تواضعها والأولاد، وكل ما حواليك نعم عظيمة لا تقدر بثمن.
3/ إذا تأملت هذا ستشعر بالخجل من الله على عظمة نعمه عليك وأنت غافل عنها، وأنك تظن أنك لا تملك شيء، مع أن كنوز الرحمن بين يديك، وهذا باب آخر من أبواب السعادة فتحه الله عليك.
4/ الآن.. اعتذر لله على تقصيرك في الشكر واستغفر وتب إليها، واستوعب معنى قوله تعالى: (وقليل من عبادي الشكور).. واسأله أن يجعلك من أولئك القليل الأخيار.
5/ ابدأ الآن بشكر الله وحمده على كل نعمة تراها او تسمعها أو تحس بها، احمده كثيرا ولا تمل أبدا، ولا تنس ان الشيطان لا يحب هذا العمل، فلا تترك له الفرصة ليضيع حياتك في الهم والغم، ويبعدك عن طريق السعادة.
6/ من شكر الله أن تشكر لكل من اعطاك شيء نافع، وهو أمر رسوله عليه الصلاة والسلام بقوله: لا يشكر الله من لا يشكر الناس)، فان جحود النعمة (حتى مع البشر) خلق مذموم لا يحبه الله تعالى. ولكن لا تبالغ بشكر الناس وتنس المنعم الذي سخر لك هذه النعم ودل الناس عليك ليوصلوها أليك، ولذلك قال تعالى (وما بكم من نعمة فمن الله).
7/ إذا استشعرت هذا قم بأمر الله ومستعينا بالله بالسعي والبحث عن الرزق الذي سخره الله لك ولجميع الخلق في الأرض.. وكن على حذر ان تغرق فيها كما غرق الكثيرون ولم يقدموا الشكر لله.
الخطوة (3) اترك التشكي فانه لا يليق بخالقك سبحانه
اذا استوعبت معنى الشكر، علمت ان التشكي للناس لا ينفعك أبدا، بل قد يغضب ربك عليك، لأنك أدركت حجم نعمه عليه وأنت تركت الشكر له ولجأت الى الشكوى للناس بأنك مظلوم من الأقدار ، وتشكو من جور الحياة، وهذا هو ظلم الانسان لنفسه، وهي من ورطات الشيطان للعبد، لكي يشغله بالشكوى عن استشعار النعمة وشكرها. ومن أجل ذلك عليك بالتالي/
1/ مهما جرى لك من أمر صغير أو كبير، فقدم الشكوى في ذلك الى الله تعالى، وأنت على يقين بأنه قادر على ان يعينك ويساعدك ويفرج همك. ويسخر لك من يشاء وما يشاء من الأسباب.
2/ لا بأس أن تشكو الى من يساعدك من الأهل أو الأصدقاء، لكن بعد أن تقدم الشكوى الى الله ، وأن تكون شكواك اليهم من باب السبب فقط ، فقد يسهل الله لك بقدرته من يساعدك.
3/ تجنب الشكوى لمن هب ودب، ونشر غسيلك على كل الناس، واعلم ان الله يكتب ذلك جحودا منك لنعمه عليك، وسيحاسبك عليها.
الخطوة (4) النجاح في امتحان الشكر والامتنان
مهما بلغت ظروفك وصعوبات الحياة أمامك، اعلم أن ذلك كله بقدر الله ابتلاء لصبرك، وابتلاء لشكرك، وهل ستنجح في امتحان الصبر والشكر أم ترسب. ومن أجل ذلك عليك بالتالي/
1/ اجعل الشكر عادة يومية، وشكرها وحمدها من كلامك اليومي (الحمد لله ، الشكر لله ، يا رب لك الحمد … وغيرها من الالفاظ ) وتعلم كيف تتفنن في شكر الله تعالى فهو يستحق ويحب الثناء والحمد، مع استشعار القلب بالنعمة والصبر والابتلاء.
2/ أعد قراءة هذا الكلام كلما أحسست بقسوة في قلبك، واعتبرها موعظة من ناصح يرشدك على رضا الله وتوفيقه ، الذي هو سر الاسرار الذي افتقده كثير من الناس كأعظم أبواب السعادة التي تحصل عليها في الدنيا، ثم في الآخرة.
مبادئ الشكر والامتنان/
1/ كلما رأيت نعمة من نعم الله ولو صغيرة قم بالشكر لله عليه(يفتح لك باب المزيد).
2/ تجنب أن تشكو أمورك الناس نهائيا، واشكوا الى ربك دائما وأبدا (الشكوى لغير الله مذلة)
3/ قدم الشكر لكل من أسدى اليك معروفا فإن ذلك من شكر نعمة الله تعالى.
4/ في شكر الناس يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) و يعني: أن من كان من طبيعته، وخلقه عدم شكر الناس على معروفهم، وإحسانهم إليه فإنه لا يشكر الله؛ لسوء تصرفه، ولجفائه، فإنه يغلب عليه في مثل هذه الحال ألا يشكر الله، وخلق الجحود مذموم مع المخلوقين فكيف حينما يكون مع الله عز وجل.
تلميحات لتطبيق التمرين/
- الأصل أن تشكروا الله بعمق على النعم الكثيرة التي تتقلبون فيها ولا تحسون بها، ولا داعي للقلق فإن من طبع البشر عدم التركيز عليها، لكن من اليوم سيتغير حالكم أن شاء الله.
- تذكروا وأنتم تكتبون وتقرأون الآن، نعمة النظر العظيمة، ونعمة الاصبع التي تكتبون بها، وحاسة اللمس، تذكروا نعمة الفهم والاستيعاب والقدرة على الفهم. تخيلوا لو فقدتم واحدة (فقط ) من هذه النعم كيف سيكون حالكم.
- تذكروا أيضا أن الشكوى إلى الناس خلل في محبتكم لخالقكم، فكأنكم تشكون أقدار وأحكام الخالق الحكيم الرحيم الى البشر الذي اغلبهم لا يرحمون بل قد يتشفون بكم.
- ركزوا على الشكر والامتنان وترك الشكوى لمدة اسبوع واحد، ثم نقيم جهدكم سويا.
- من أجل الشكر على نعم الله، حاول تخصص وقت هادئ ( بعد أي صلاة أو أي وقت خلو الذهن ) ثم تذكر أكبر عدد من النعم التي منحك الله إياها.. وبدونها تصعب وربما تستحيل حياتك.
- كل يوم تذكر أنواعا جديدة من النعم ثم اشعر بالامتنان لواهب النعم واعمل لسانك بالحمد والشكر والثناء عليه
- من تمام شكر نعم الله أن تتجنب استخدام النعم التي وهبك الله في معصيته كمن يستخدم سمعه بصره في النظر الى الحرام او الاستماع اليه، ومثلهم من يستخدم المال في ما يغضب الله.
- تذكر قول الله تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا) وقوله ( وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نعمه ظاهرة وباطنه) أي: عمّكم وغمركم بنعمه الظاهرة والباطنة التي نعلم بها؛ والتي تخفى علينا، نعم الدنيا، ونعم الدين، حصول المنافع، ودفع المضار، فوظيفتكم أن تقوموا بشكر هذه النعم؛ بمحبة المنعم والخضوع له؛ وصرفها في الاستعانة على طاعته، وأن لا يستعان بشيء منها على معصيته .
- يقول العلامة عبد الرحمن بن سعدي في تفسيره : اذا تذكرت نعمة من نعم الله توقف قليلا وتذكر أهميتها في حياتك.. ثم قدم الشكر بلسانك والامتنان بقلبك لواهب تلك النعمة.
تفاعلات المشاركين
- إحدى المشاركات في التمرين الأسبوعي (#ثمن_ السعادة) تفيدنا بعد اسبوع من التطبيق بكلمة رائعة تقول (س. ع) : انا ممتنه لك كثير التمرين فادني اللهم لك الحمد واحساس السعادة عندي كبير من جد لما الواحد يركز على الاشياء الجميلة بحياته با تتغير نظرته للحياة والامل والرضا والهدوء اللهم لك الحمد.
- أحد المشاركين معنا في تمرين #ثمن_السعادة بعد اسبوع من تطبيق التمرين أفادنا (م. ح. ش) بقوله:
- حقيقة اكتشفنا أننا غارقون في النعم وصار عندنا إشكالية وهي التعود على النعم، ألفناها حتى لم نعد نشعر بحلاوتها، فلما استشعرناها وحمدنا الله عليها رأينا كم نحن منعمون وكم نحن مقصرون
- احدى المشاركات في تمرين #ثمن_السعادة بعد اسبوع من التطبيق تقول (ه ز ع): أنا عرفت وتأكدت من هذه التجربة بأني فعلا مش ناقصني شي أبدا، بالعكس عندي كل شي حلو وجميل بس ماكنت اشوفها بهذه الحلاوة والجمال كنت أشوفها أشياء عاديه، لكن لما ركزت عليها أدركت مدى نعمة الله علي وشعرت بالرضي والامتنان لله والسعادة ولله الحمد.
- (ا. ص.ع) احدى المشاركات في التمرين تقول: فعلا التمرين قوي وجميل جدا، أفادني كثير كثير من كثر ما بنصارع بالدنيا هذي ونسينا ان احنا بنعم كثيره وسعادة لاكن ماكنا مدركينها أبدا.
- المشارك س. ع ينقل تجربته معنا فيقول : سبحان الله العظيم لما يركز الواحد بالنعم اللي انا و فيها ويحمد الله ويشكره وما يتذمر نفسيا بيرتاح والله ان المعنويات تغيرت بالكامل وبالفعل الامور طيبه ولئن شكرتم لاأزيدنكم
- أما المشاركة ه ع ص تقول في كلمتها: تذكر النعم الي عندنا والرضى بها تجعل الشخص يعيش عيشة ملوك، لأنه راضي ومقتنع بحياته وبالنعم الي عنده التي لا تعد ولا تحصى لأنه يحمد الله ويشكره دائما وابدا، نحمد الله على نعمه العظيمة.
منتظرين تعليقاتكم ليستفيد من تجاربكم غيركم وتكنون مأجورين ان شاء الله تعالى