من أجل سعادتك .. تخلص من جراحات الماضي بالمسامحة (تمرين عملي)

تمهيد /

تخيل معي أن شخصا يمسك زجاجة مكسورة وهو يضغط عليها بكل قوته وبكلتا يديه، والدم يسيل منهما وهو يصيح من الألم، فهو يحس بالألم ولا يرى الزجاجة سبب الألم.  صديقه عرف السبب فطلب منه أن يرخي يديه عن الزجاجة ليزول الألم ويتوقف الدم، وقدم له المساعدة في ذلك، وبالفعل شعر بالتحسن فورا، وتدريجيا انتهى كل الألم وتوقف نزيف الدم.

هذا الرجل كمثل الذي يحمل هموم وآلام وجراحات الماضي، ويتشبث بها بكل قوته، وكلما زاد تمسكه بها زادت جراحاته، وتعكر صفو حياته، وتنغصت راحته. ومستحيل تعود تلك الراحة مالم يرخي قبضة مشاعره من قوة التشبث بذكريات الماضي الأليم.  

إن إرخاء مشاعرك من قبضتها  يعني التسامح الحقيقي مع الماضي وكل من سببه لك من الأحياء أو الميتين، ليس من أجلهم  (هم ) بل من أجل سعادتك (انت) إن كنت تبحث عن السعادة.

تنبه إلى أن ذكريات الماضي لم يعد لها وجود ألا في الخيال، أما في الواقع فقد انتهت وزالت، ولم يبق منها غير حسراتك. فمن أجل السعادة ينبغي عليك نسيان تلك الجراحات والآلام، وتحرير مشاعرك معها بالتسامح.

نقدر ألمك ومعاناتك، لكننا نحب لك الأفضل والأجمل، ونرشدك الى التسامح والعفو عند المقدرة، وعفا الله عما سلف.

ما هو التسامح؟ /

السماح يعني التنازل والقبول والصفح والمغفرة والقبول بأي نتيجة ترضي الله تعالى وتزيل الألم النفسي وتحقق الرضا القلبي. وهو (أسلوب تفكير) غير مشروط إلا بالراحة النفسية وطلب العفو من الله، لأنه قيمة ثمينة تنبع من أعماق الضمير.

والتسامح صفة إلهية عظيمة مرتبطة بكل أسماء الله الحسنى، وهي مُلزمة دينياً وأخلاقياً لكل الناس في كل الظروف. والسماح والعفو سلوك اختياري بناء على ردود أفعال قد تكون سلبية وضارة بالناس والحياة. التسامح[1]

أقوال في العفو والتسامح/

**في الحديث الصحيح يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما نقصت صدقةٌ من مالٍ، وما زاد اللهُ عبدًا بعفوٍ إلا عزًّا ، وما تواضع عبدٌ إلا رفعه اللهُ” .

** سامحهم من كل قلبك تسلم لك سعادتك.

** سامحهم بكل صدق توفر الطاقة الهائلة التي تهدرها في الألم والتشكي بلا جدوى.

** سامحهم لتتخلص من الشكوى منهم، ففي كل مرة تشكو تسيل دموعك من الألم، فهل آن الأوان لأن تكفكف دموعك وتنطلق بكامل طاقتك في درب حياتك بكل سعادة.

** سامحهم فلن يبلغ بك الأذى كما آذى العصاة ربهم فاتهموه بما لا يليق بجلاله الكريمة، وهو يناديهم ويقول “افلا يتوبون الى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم”.

** سامحهم فقد الله أمر نبيه أن يتخلق بخلق العفو فقال له: (خذ العفو وأمر بالعرف واعرض عن الجاهلين)، وقال له: ” فاعف عنهم واستغفر لهم …”.

** سامحهم فلن يبلغ بك الأسى ما بلغ بالنبي محمد عليه الصلاة والسلام، وهو من سن للناس ما يعرف بالعفو عند المقدرة، لقد كان قادرا على الانتقام، لكن عظمة أخلاقه أرشدته الى التسامح والعفو، فما أعظمه بثلاث كلمات فقط ودع بها الماضي الأليم إلى غير رجعة فقال: (اذهبوا فأنتم الطلقاء).

** سامحهم فلن تبلغ جراحاتك ما بلغ بيوسف عليه السلام، فلما جاءه (خصومه) وما عرفوه وهو في كامل أبهته وسلطته، فعفى عنهم بكل سهولة  بثلاث كلمات فق:  (لا تثريب عليكم).

** سامحهم حتى يعفو عنك ربك، فكيف تطلب العفو والمغفرة وانت لم تفكر في مسامحة خلقه، فهذا مخالف للمنطق والعقل).

قالوا عن التسامح/

** المسامحة هي أعلى خلق يسعى المرء للوصول إليه[2]
** التسامح بين الأصدقاء يحتاج قوة عظيمة تمكن الإنسان من تجاهل الأخطاء التي يرتكبها رفاق دربك.

** تسيطر على الإنسان في بعض الأحيان ذات سلبية تحثه على الثأر من أصدقائه الذين ظلموه، لكن النفس الطيبة تأبى إلا المسامحة وتعلم أن خير الخطائين التوابون.

** التسامح بين الناس يحتاج قوة تفوق قوة الانتقام، والعاقل هو يسعى دائمًا ليكون اليد البيضاء التي تمتد لمساعدة الجميع والعفو عنهم.

** ليس هناك أعلى من الإنسان الذي يترفع بنفسه عن الأحقاد والمكائد خاصة في العلاقات مع الناس وسلبياتها.

** من يسامح الناس ويعفو عنهم فإنه يهديهم دروسًا بالأخلاق على طبق من الذهب.

** المسامحة تشفي الصدور وهي حسنة لفاعلها قبل أن تكون حسنة لغيره، وصاحب الفهم هو من يبادر لمسامحة غيره لأنه يخلص نفسه من أغلال الحقد ويتحرر من براثن الكراهية والانتقام.[3]

عفا الله عما سلف/

** هذا مقطع من آية في كتاب الله ، فمن أجل سعادتك، ردد  دائما (عفا الله عما سلف) واجعله شعارك عند تذكر آلام الماضي.

** ومناسبة نزول هذا المقطع من الآية الكريمة، بيان حكم صيد البر أثناء الإحرام، فبعد أن بين الله الحكم الشرعي بين لهم عفوه عمن ارتكب هذه المعصية بسبب الجهل. فهذا الرب العظيم يقول عفا الله عما سلف فماذا ستقول انت، إذا كنت ترغب أن يعفو عنك.

التمرين التطبيقي

التمرين رقم (8)

اسم التمرين: من أجل سعادتك.. تخلص من جراحات الماضي بالتسامح

الهدف من التمرين: أن تشتري سعادتك الغالية بثمن زهيد هو العفو والسماح لكل من تسبب لك من ألم في الماضي.

الخطوات العملية/

1/ اتخذ قرارك (الآن) أن تسعد نفسك بنفسك من خلال التسامح، وأن تحاول وتتمرن عليه رغم صعوبته البالغة في نفسك، لكنك تعتقد أن قرارك في محله ويحتاج وقت للتطبيق، وثمرته عظيمة وهي سعادتك انت وليس أحد غيرك.

2/ ربما لن تستطيع مسامحة الماضي بآلامه وأحزانه وأشخاصه الذين سببوا لك الألم دفعة واحدة، فعليك بالرفق بنفسك وتمرن تدريجيا، من الأسهل للأصعب. وإذا وفقك الله وسامحت دفعة واحدة فلك في انبياء الله اسوة حسنة.

3/ تذكر كل الماضي الأليم وكل الذكريات وكل الشخاص الذين سببوا لك الألم، واتخذ قرارك بالعفو عنهم لوجه الله الكريم لسببين، ثواب العفو، وثمن السعادة وتستمتع بحياتك.

4/ لا تتوقع ان تنتهي الالام بسرعة، فالجراح تريد وقتا حتى تشفى وتطيب، ومثلها جراح المشاعر، تحتاج وقت لتشفى.

5/ كلما هاجت ذكريات الماضي الأليمة تجاه شخص قف بهدوء مع نفسك وخاطبها بعمق وبكل حزم قائلا : ( عفا الله عما سلف ، لقد قررت صدقا أن أشتري سعادتي، وتذكري للماضي يعذبني ويفقدني راحتي، فأنا الآن أجدد العزم على مسامحة  (اذكر  الشخص )  والعفو ابتغاء وجه الله).

6/ خاطب ربك على الدوام ان يعفو عنك عفوا عظيما بمقدار التنازل الذي قمت بك بعد مسامحة الآخرين.

7/ إذا كانت مسامحتك صادقة ومخلصة، فهذا يقتضي أن تطبع الأوضاع ولا مانه من عودة العلاقات، خاصة اذا وجد التجاوب، ولكن بحذر حتى لا تتكرر التجربة الأليمة.

أنا مقدر ألمك وعمق جراحك لكن.. هذا هو الثمن الأقل والوحيد لسعادتك.

ملأ الله قلوبكم سعادة وعافية وتقبل الله منكم وأصلح شأنكم

للتفاعل يمكنكم يمكنكم زيارة المجمعة التفاعلية https://t.me/+kaZ_BcWDtU80YmY0


[1]https://edara.com/Article/Details/5458

[2] – إقرأ المزيد في منصة موضوع   https://cutt.ly/rVyySd5

[3] – اقرأ المزيد في منصة موضوع   https://cutt.ly/rVyySd5

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s