كيف تقوي ثقتك بربك و تحقق أقصى استفادة منه – تمرين عملي

الحقائق الثلاث /

من المدخلات الضرورية لسعادتك هناك ثلاث حقائق يجب الوقوف عندها والتأمل فيها كثيرا ففيها سر عجيب لتحقيق تلك السعادة وهي: حقيقة الخالق العظيم، حقيقة الانسان، والثالثة: كيف نحقق الاستفادة القصوى من قدرة الله ورحمته.

الحقيقة الأولى: حقيقة الخالق العظيم:

من حكمة الله أن خلق الخلائق كلها وقدر أقواتها وأرزاقها وآجالها، وخلق الانسان وكرمه وفضله على العالمين، وجعله خليفته في أرضه ليعمرها ويصلحها ولا يفسد فيها، فميزه بالعلم والعقل والذكاء على سائر الكائنات. ومن حكمته أن جعل القوة كلها له وخزائن كل شيء بيده، وعلمه وسع كل شيء لا يغيب عن علمه قيل ولا كثير، وله القدرة البلغة فلا يعجزه شيء ولا يصعب عليه شيء، وهو أرحم الراحمين بخلقه فلا يجدون رحيما مثله لا أب ولا أم ولا صديق إطلاقا وإذا جمعت رحمات جميع الرحماء، فلا تبلغ شيئا أمام رحمته الواسعة. ومن رحمته خلق بني آدم بيده، وجعلهم فريدين من نوعهم، وتولى بنفسه تدبير شئون حياتهم ومعايشهم منذ أن كانوا في غياهب الظلمات في أصلاب آبائهم وترائب أمهاتهم، وأوجد لهم كل ما يحتاجون إليه لتسهيل معيشتهم، ولازمتهم رعايته وعنايته لحظة بلحظة ويوما بيوم حتى ينتهي دور الانسان بالحياة.

الحقيقة الثانية: حقيقة الانسان:

لحكمة بالغة قد تكون الابتلاء والاحتياج، ومع ما شرف الله الانسان وميزه وفضله على جميع مخلوقاته، إلا أنه قدر عليه أن يكون ضعيفا، وجعل هذا الضعف ملازما له ، يسري في جميع جوانب حياته، وما الموت والنوم والتعب والمرض وضعف القدرات العقلية والجسدية، والغضب والطيش ،  إلا صورا يسيرة لتوكيد ذلك الضعف. حتى بيئته التي يعيش فيها يعتريها النقص والضعف، وما التغير والتحول والزوال والكوارث والجوائح الا سمة من سمات ذلك الضعف. وبمقابل ذلك منح الله الانسان أسباب القوة (النسبية) التي يتغلب فيها على ضعفه لمصارعة الحياة، ومنها اعطاءه القدرات العقلية والجسدية، وأنار له دروب العلوم والمعرفة وسهل له أسباب الرزق والمعيشة، وجعل له كل ما في الأرض مسخرا بين يديه.

الحقيقة الثالثة: كيف نحقق الاستفادة القصوى من قدرة الله ورحمته.

ومقابل ما سبق من الحقائق، يأتي الدور المطلوب للإنسان، بصفته مخلوق من قبل الخالق، وهو بطبعه يبحث عن السعادة والحياة الهانئة الهادئة. ومن ان أجل ان يهتدي لأقصر الطرق إلى السعادة، عليه ألا يطيل على نفسه طريق الحصول عليها، بالبحث عن طرق غير مضمونة العواقب في الوصول الى رحمة الخالقة ورضوانه، التي جعلها سببا في الحصول على النعيم الذي أعده الله للناجحين من الناس، وعليه أن لا يحاول العيش في وهم من السعادة الزائفة التي تتعارض مع طبيعة رسالة الانسان والغاية من وجوده في الحياة.، فذلك الوهم بلا شك سيتلاشى ويذوب في أول موقف يقرب فيه من الله.

ومن أبرز أدوار الإنسان في الحياة التعرف على أمرين اثنين يشغل بهما حياته ويضعهما نصب عينيه وهما : التعرف على الخالق الرحيم ، والتعرف على طريق الوصول اليه والاستفادة من قدراته والاستعانة بها عمارة الأرض وفق منهج ذلك الخالق العظيم ، ثم الحذر من إشغال نفسه بمهام ووظائف تتنافى مع الحقائق الخالدة المذكورة، فإذا فعل ذلك، فإن جذوة الصراع ستنطفئ في أعماق ضميره، ولن يطفئها غير ذلك.

فإذا فهمت هذا، علمت حقا أن الإنسان محتاج الى الله في كل شيء، في صحته ومرضة وقوته وضعفه ومأكله ومشربه، والهواء الذي يتنفس به، ومحتاج اليه في هدايته وإعانته وتسديد فكره ورأيه الى الطريق الصواب، ومحتاج الى الله أن يعصمه من المصائب والمحن والفتن ما ظهر وما بطن. باختصار لا يستغني عنه طرفة عين فما دونها، ومن زعم غير ذلك فقد أقحم نفسه في أبواب من الوهم والسعادة الزائفة، وسيندم حتما يوما ما حين لا ينفع الندم.

ولذلك فما نسمع عنه من السعادة الحقيقية التي اكتشفها الأنبياء والصالحون والعارفون لم ينالوها بكثرة الأموال والأولاد والملك وحب الزعامة، لكنهم وجدوها في سر أسرار السعادة وروحها المستتر وهي راحة الضمير، ولن يجدوها حتى يسيروا وفق الطريق المرسوم لهم من الخلاق الرحيم، وحينما تخشع قلوبهم وأسماعهم وأبصارهم لخالقهم، وحينما يسجدون بين يدي الله يرجون رحمته ويلبونه المزيد ويسألونه التوفيق ويستعيذون به أن ينساهم.

سؤال بسيط /

هل بالإمكان الحصول على راحة البال وراحة الضمير دون التعامل مع هذه الحقائق؟  والإجابة مطروحة لضمائركم.

النتيجة/

أن من نتائج هذا الفهم تحقيق السعادة الحقيقية غير المزعومة أو الموهومة، والتي من أسبابها حصول الطمأنينة والسكينة في أعماق قلبك ، والتوافق والانسجام بين متطلبات روحك ومتطلبات جسدك ،  فيحصل معك ما يأتي:

** اليقين في قدرة الله المطلقة وحكمته البالغة.

** التعرف على مدى رحمته الواسعة لعبادة السائرين في دروب عبادته، وغضبه على عباده المخالفين لطريقته.

** توحيد الله والإيمان بالقضاء والقدر والتسليم التام له.

** إقامة الصلاة كوسيلة عظمة للتواصل مع الله

** طهارة القلب والجسد

** فعل الخيرات وترك المحرمات

حسن الظن بالله وبرحمته وأنه لا يضيع من السائرين على دربه.

ذكر الله دائما وفي كل حال.

الدعاء لتفريج الهموم وقضاء الحاجات.

** الارتياح لقراءة القرآن وسماعه لأنه كلام الله لخلقه.

** الاستمتاع بزيارة الرحمن في بيته وعدم الانقطاع عن ذلك.

نبذة من حياة السعداء/

دعونا نتأمل في أحوال هؤلاء السعداء.

** نوح (عليه السلام) لم يشعر أبدا بالقلق وهو راكب مع من معه في سفينة مصنوعة من ألواح خشبية ومسامير فقط، وهي تجري بهم في موج كالجبال (الجبال)، فلماذا؟

** إبراهيم لم يشعر بالقلق وقد وثقوه بالحبال وهو يرى السنة اللهب تكاد يحرق لهيبها كل شيء، فلماذا؟

** وموسى لم يشعر بالقلق وقد داهمه جيش فرعون الجرار وكان البحر أماه ، فانهار قومه وقالوا إنا لمدركون فنهرهم بقوة و “قال كلا إن معي ربي سيهدين”، فلماذا؟.

** وهذا الحبيب محمد عليه الصلاة والسلام وصاحبه مهاجران وقد لجأوا الى الغار ، ووصل اليهم من يطاردهم، حتى وقفوا على باب الغار ، ولو ان أحدهم نظر إلى قدميه لرآهم ، فيقول لصاحبه بكل ثقة وأمان” لا تحزن، إن الله معنا” أو قال ” ما ضنك باثنين الله ثالثهما، فلماذا؟

إليك يا عاشق السعادة /

إذا تريد السعادة اختصر الطريق اليها، بلزوم طريق هؤلاء، فلم يحققوا السعادة بجمع متاع الدنيا وزينتها ( وإن كان مباحا ) ،  لكن  اختصروا الطريق فكان عندهم ثقة عظيمة لا تزحزحها جبال الدنيا بالله الواحد القهار.

هل يشتاق قلبك أن تسمع يوما من الأيام  هذا النداء العظيم: “يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي الى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي”؟.

تمرين التطبيق العملي رقم: (7 )

اسم التمرين: كيف تقوي ثقتك بربك و تحقق أقصى استفادة منه

فكرة التمرين:

لا يمكن للإنسان أن يحقق السعادة دون أن يتعلم سبب وجوده في هذه الحياه، ويتعرف على خالقة ورازقه، ويتعلم كيف يحقق رضاه، كيف يسير في طريقه ويتجنب ما يغضبه، فهذه الفكرة على بساطتها وبديهيتها ، قد ظل عنها قسمان من الناس، الأول : من يجهلها من اتباع النبي محمد عليه الصلاة والسلام بصفته النبي الخاتم ورسول الله الى البشرية (كلها) ، والثاني : من لم يؤمن بها من الأصل، وكلا القسمان انحرفت بوصلتهم الى اتجاه آخر ، فاشتغلوا بجمال الدنيا وزينتها ، وأفنوا أعمارهم بسعادة مؤقتة سرعان ما تزول حينما تتوقف حياة الانسان، ووجد ان رصيده  المدخر للآخرة  (صفرا)، أو ( لا يغطي).

الهدف من التمرين:

يهدف التمرين إلى شحذ همتك ولفت انتباهك إلى حقيقة وجودك وطبيعة مهمتك في الدنيا،  من خلال (ست ) خطوات بسيطة، ربما لن تكون جديدة عليك ولكن  تتعلم  من خلالها كيف تركز عليها أكثر، وستكون بمشيئة الله سببا في تحقيق سعادتك مع أخذ حقوقك في الدنيا،  وتريحك من تأنيب الضمير خوفا من تقصيرك في  استحقاقات الآخرة،  و تفتح ذهنك على أبواب التوفيق والرحمة من الخالق العظيم.

خطوات تطبيق التمرين/

تنبيه / حتى تتعلم منطلقات التمرين، انصح ان تراجع المادة المكتوبة قبل البدء بالتطبيق، حتى تساعدك على سهولة التطبيق (تجدها على الرابط https://drmnatiah.com )

1/ اتخذ قرارك بتحقيق رضا الله في كل أقوالك وأعمالك مهما كانت الظروف، واستعن به يعينك، وتوكل عليه يساعدك.

2/ تدرج مع نفسك ولا تجبرها على الاستقامة فجأة، حتى لا تمل، واعمل ما تقدر عليه، وطور أدائك مع الله باستمرار، وحاول أن يكون ما تعمله بكل حب وشوق وحرارة.

3/ من أعظم أبواب الثقة بالله ثلاث، اجعلها دائما نصب عينيك وحاول تتمرن عليها باستمرار حتى تصبح جزء من حياتك اليومية وهي: لا تمل من زيارة المساجد (بيوت الله) والمكث فيها ولو لوقت يسير للخلوة به ، ومناجاته، وعليك بأداء الصلاة في المساجد الله  (للرجال طبعا)،  ثم قراءة القرآن كلام الله العزيز (بشكل يومي )  ولو صفحات يسيرة حسب قدرتك.

4/  ” يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا ، و سبحوه بكرة وأصيلا ”  استجب لهذا النداء من الله لك. ومن أهم الذكر ما يكون بعد الصلاة، وأذكار الصباح، وأذكار المساء، ثم ما تستطيع من التسبيح والتحميد والتكبير خلال يومك.

5/ اقنع نفسك  بأربع حقائق مذهلة  ،ولا تشك فيها أبدا ، فهي تذهب عنك الخوف: أن كل شيء خلقه الله بقدر معلوم مكتوب (فلا خوف)، وأن من كان مع الله كان الله معه ولن يضيعه (فلا خوف)، وأن من توكل على الله حق التوكل كان وكيله الأمين على كل شئونه ، رب المشرق والمغرب لا إله الا هو فاتخذه وكيلا”، فمن أقوى من الله؟ ، ثم احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهاك (فلا خوف الا من المعاصي).

6/ عليك بثلاث خصال لا تتركها أبدا.. أبدا: الدعاء فإن الله يقول “ادعوني استجب لكم” ولا تمل منه أبدا فهو يحب الالحاح عليه، وكثرة الاستغفار والتوبة، فإنها تمحو الخطايا صغيرها وكبيرها وتصفِّيها أولا بأول ولا تجعلها تتراكم، ثم الصدقة ولو من القليل (حتى تمرة أو نصفها) ، فإن الصدقة تطفئ غضب الرب كما يطفئ الماء النار، وانت بحاجة الرضا جدا.

تنبيه /

هذا لا يعني أنه لا يوجد غير هذا من الأعمال، لكن المقصود التدرج بأن تتمرن على هذه الاعمال كأساس لتقوية الثقة بالله تعالى، ثم انطلق نحو المزيد حسب قدرتك، وكلما زدت وجدت الله يزيدك ف ( هل جزاء الإحسان الا الاحسان).

المزيد من التفاصيل

المزيد من التمارين حول ثمن السعادة هنا https://drmnatiah.com/

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s