فإن مع العسر يسرا .. إن مع العسر يسرا !!

#كن_إيجابيا
يختلف الناس في النظر الى المواقف والأحداث التي تمر بهم في كل لحظة وحين، فمنهم من يغلب الجانب السلبي في التفكير وهو المتشائم الذي ينظر دوما الى الجانب المظلم من الأحدث، تماما مثل الذي يلبس نظارة سوداء فيظن أن الضوء ضعيف وليس الأمر كذلك في الواقع، بل الخلل في نظارته السوداء ولو خلعها لظهر له النور الساطع.
مع الأسف، هذا ما عليه كثير من الناس بمختلف مستوياتهم، وربما نكون جميعنا منهم، فتراهم يعممون نظرتهم السوداء المتشائمة على كل شيء تقريبا، ويتحركون بكل قوة لبثها وإقناع الناس بها بشتى الوسائل وبكل حماس، وقد يستندون الى بعض الأدلة الواهية لتبرير هذه النظرة وتسويقها للناس ليتابعوهم عليها، وربما نلتمس لهم العذر نظرا للضغط النفسي الذي تفرضه الاحداث مما يغيب معها صوت العقل والمنطق في تقييم الحدث بدقة، واتخاذ التصرف الصحيح.
ومن الناس وهم قليل جدا من ينظرون إلى الحدث أو الموقف بنظرة مختلفة، من زاوية هل هذا الموقف شر محض خالص، أم ان لله فيه حكمة وتدبير؟، فلا ندري أنها قد توجد من وراء أي حدث سلبي فرص لا يعلم حجمها ومداها إلا من فتح الله بصيرته واعمل عقله وذهنه على الجانب المشرق في الحدث واستوعب بقلبه واتسع يقينه لفهم معنى اليسر الملازم للعسر دائما وأبدا بأمر الله، باعتباره قانون من قوانين الحياة.
فحينما تصاب بجائحة تفقدك أشياء كبيرة وعزيزة عليك، لا تيأس وتظنها النهاية، ولا تُظلم الدنيا في عينيك، بل اجتهد وتأمل في بصيص النور الكامن وراء هذه الجائحة، فلله تدبير أمره، وقد يظهر لك من الخير والفرص مالا يخطر لك على بال، ربما لم تكن لتصل إليها إلا من هذا الطريق، فقط أعد النظر في البحث عن اليسر وفتش عن الجانب المشرق من الحدث.
الآية في العنوان ترشدنا الى ضرورة تقليب النظر في مختلف الأحداث، والبحث عن اليسر الذي غالبا ما يكون مرافقا للعسر بل ويزيد عليه، وحملت الآية العديد من صيغ التأكيد على هذه الحقيقة والقانون الإلهي. ومثلها في القوة وعد الله تعالى بقوله: ” سيجعل الله بعد عسر يسرا”. فتأمل في هذه المنهجية التي تحمل الدعوة الى الإيجابية والتفاؤل وترك السوداوية والتشاؤم.
التشاؤم وهمٌ كبير وأكذوبة نفسية خطيرة، تدمر النفوس وتقضي على نور البصيرة والتعقل في التفكير، والمتشائم تنغلق نفسه وتضيق الأمور عليه ويوهم نفسه أن الأمور وصلت الى النهاية، بينما الحقيقة في الواقع قد تكون خلاف ذلك، إنه الوهم والحبس الذي أدخل نفسه فيه ، ولذلك أغلق على نفسه أبواب من اليسر والخير، وفوت على نفسه السعي وراء الفرص الكامنة في قلب الحدث المُر الذي يعصر الجميع بتيسير الله وعونه.
فرغم كل شيء ورغم مرارة الأحداث فكِّر كثيرا و ” كن إيجابيا”، وانظر الى الجانب المشرق فيها، وابحث بوعي عن اليسر المتخفي فيه، وردد دائما ” لازالت الدنيا بخير” و ” ما عذر من خير “.
يسر الله لنا ولكم الخير أينما كان،،،
د. محمد ناجي عطية
مدرب ومستشار
8 محرم 1443