ترشيد الموارد المالية.. بين التبذير والتقتير (2/2)

يتبع الجزء 2 / 2
بيوتنا وترشيد الانفاق
وكذلك الحال في البيوت فلا يسمح (أبدا) بحجة الترشيد تقليل الطعام عن الأهل والأولاد، أو العدول إلى الأنواع الرديئة أو قليلة الجودة مع القدرة على توفير الأنواع الجيدة.
وقد تستطيع الأسرة الاستغناء عن الهاتف وربما أنواع من الأثاث والديكورات وربما بعض الكماليات غير المهمة، لكنها لا تستطيع الاستغناء عن الطعام والشراب الجيد والدواء النافع وسائر الخدمات الصحية الضرورية، وكذلك لا تستطيع بحجة الترشيد الاستغناء عن التعليم والبرامج التربوية الهادفة، باعتبارها من الأهداف الأساسية لوجود الأسرة السوية.
وعلى ذلك فترشيد الإنفاق في هذه الحالة يعني الإنفاق بسخاء على الأشياء الضرورية الذي يجعلها تحقق أهدافها بكفاءة عالية، والتخلص من الكماليات التي ترهق ميزانية الأسرة، وليست ذات اعتبار كبير في وصولها الى أهدافها، وإنما لمجرد زيادة الرفاهية التي قد تتحول في ظل التراخي إلى إحدى معيقات وصول الى الأسرة الى أهدافها الحقيقية.
فائدة لطيفة:
لماذا كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يعطي عطاء من لا يخشى الفقر؟، حتى صح عنه أنه أعطى لأحدهم مائة من الإبل، وأعطى رجلا غنما بين واديين، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة، فأين الترشيد في هذا؟.
فبعد أن قررنا مفهوم الإنفاق الرشيد بأنه: “العطاء بكل سخاء على الأنشطة التي تحقق الأهداف بشكل مباشر، وتقليص الإنفاق على الأنشطة التي لا تحقق الأهداف أو تحققها بشكل ضعيف”.
فهذا تماما ما قصده النبي المعلَّم من ربه، وبذلك برَّر الأمر لناقديه من الصحابة المتابعين للموقف، حين أخبرهم بما معناه: إني أعطيهم لعاعة من الدنيا من أجل تأليف قلوبهم. إنه بهذا المعنى يبين هدف الرسالة العظيم المتمثل في تأليف قلوب الناس وإنقاذهم من عذاب ربهم وغضبه، وهو الأمر الجَلل والهدف السامي الذي استحق كل هذا الإنفاق السخي، ورخص أمامه كل غالي من متاع الدنيا.؛ إنها الإدارة النبوية الرشيدة في مفهوم الإنفاق.
والخلاصة:
مفهوم ترشيد الانفاق تركيز الإنفاق على الأنشطة التي يتبناها قادة المؤسسات وصناع القرار فيها وحتى في البيوت فيما يحقق أهدافها، ويجب التخلص أو التقليص في الإنفاق على أي أنشطة لا تحقق الأهداف، بإعادة ترتيب الأولويات في الإنفاق على الأنشطة بحسب معيار واحد هو تحقيق الأهداف بكفاءة عالية، حتى لا يتحولون إلى مقتِّرين في صورة مرشِّدين وحتى لا يكونوا من المبذَّرين المسرفين؛ لأن التبذير كما التقتير أخلاقٌ ذميمةٌ عقلا وعرفا وشرعا بينما الترشيد هو الطريق القويم والمنهج السليم.
********
بالتوفيق والسداد