جوهر السعادة:


إن السعادة الحقيقية ليست تلك التي تتحقق للإنسان في الدنيا فقط كما يتوهم الكثير من الناس، بل السعادة الحقيقية هي التي لا بد أن تحصل في الدنيا وكذلك في الآخرة، إذ لا معنى للسعادة في الدنيا دون الآخرة؛ لأن هذا معناه أنه مهما تمتع الإنسان في الدنيا فإن هَول المطْلع بعد الممات ومفارقة الدنيا، سيرى كل واحد منَّا يقينا من غير شك ما كان يسمع به من قبل في الدنيا، لكن لم تكن حقيقته تخطر على باله بهذا اليقين والوضوح.  

في هذه اللحظة سينسى كل شيء من مُتع الحياة وملذاتها الزائلة، ويتمنى العودة الى الدنيا ليعيد النظر في برامجه اليومية وأولوياته في الحياة، وهناك فقط يُدرك حجم الحقيقة و شدة مراراتها، ومقدار الفائدة أو الخسارة التي تنتظره، بعد أن عاش عمره الطويل غافلا عنها، ولم يدخلها في حساباته والتخطيط لحياته.


إذا السؤال: ما العمل؟، والجواب: أن نحرص من اليوم على تحقيق السعادة في الدنيا والسعادة في الآخرة أيضا، وهذه لن تتحقق باتباع المناهج والنظريات التي تقدس الحياة الدنيا وتعلي من شأنها وتدعو بكل حماس لفناء الأعمار من أجل تحقيق السعادة فيها وكفى ، بل تتحقق يقينا وبدون شك باتباع المنهج الذي دلنا عليه رب العالمين، وأنزل من أجله شريعته المقدسة، وأرسل في سبيل ذلك جميع رسله، وكل ذلك من أجل أن يعيش الناس – كل الناس – حياتهم كلها بتفاصيلها في سبيل الله وفي ظلال شريعته، ويكون الذي يتحكم في كل شئون حياتنا  هو أمر الله ورسولُه، وهذا تماما هو الأمر الغائب في حياة أكثر الناس ، وهو جوهر السعادة  وحقيقتها.


فإذا اقتنعنا بهذا المبدأ فسنصبح أناسًا مختلفين عن بقية الناس، متميزين عنهم، سعداء في الدنيا وسعداء في الآخرة أيضا، ومصداق ذلك قول الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ( أي  في الدنيا )  وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُون[1] (أي في الآخرة)} .


[1] سورة النحل: 97

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s